أزيح الستار، عن حجر الأساس لمتحف شيرين أبو عاقلة للإعلام، في مدينة رام الله، بمشاركة رئيس الوزراء محمد اشتية، ومحافظ رام الله والبيرة ليلى غنام، ورئيس بلدية رام الله عيسى قسيس.
وأقيمت الفعالية على الأرض المخصصة لإقامة المتحف بمحاذاة مجمع رام الله الترويحي، بحضور عدد من أعضاء السلك الدبلوماسي الأجانب.
وقدم اشتية شكره لبلدية رام الله على “بدء العمل بهذا الصرح الهام والاستثنائي، في ذكرى استشهاد الإنسانة والصحفية الاستثنائية شيرين أبو عاقلة، ولشبكة الجزيرة الإعلامية على الوفاء للعاملين معها في فلسطين”، كما أثنى على دور الصحافة الفلسطينية التي تمثل صوت الحق والحقيقة.
وقال: “اليوم، أزحنا الستار عن هذا المشروع ليكون متحف شيرين أبو عاقلة للإعلام، وأنا أحد الذين حزنوا كثيرا على غيابها، بحكم المعرفة الشخصية والمهنية من خلال موقعي وقبله، وعرفت فيها الإنسانة التي دخلت كل بيت فلسطيني وعربي وربما كل بيت في العالم. شيرين بدأت حياتها شاهدة وانتهت شهيدة، وإذا كنا نعتقد أن استشهاد شيرين هو الفصل الأخير في مشهد النضال، فقد رأينا أن قافلة الشهداء توالت، وآخرهم شهداء قطاع غزة، وقبلهم في مخيم جنين ونابلس والخليل والقدس وأريحا وفي كل مكان”.
وأكد اشتية أن شيرين كانت رمزا للإنسان الصحفي الملتزم، وحملت رسالة آلام وآمال الشعب الفلسطيني، وقابلت الفلاح والطفل والمرأة وكل شرائح المجتمع الفلسطيني، من الحقل إلى المسجد.
وأضاف: “يسعدنا أن شيرين أبو عاقلة قد نالت ما تستحق في وداعها وتأبينها، حيث وقف الجميع ليقولوا سلاما لروح شيرين وسلاما لأرواح سائر الشهداء”.
وشدد على ضرورة أن تؤخذ توصيات التقرير الذي صدر اليوم عن انتهاكات إسرائيل للصحافة الفلسطينية؛ بكل جدية، لملاحقة المجرمين الذين يستهدفون كل عين تلاحق جرائم الاحتلال البشعة من قتل وهدم وانتهاكات.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن شعبنا الفلسطيني سيحيي يوم الإثنين المقبل الذكرى الـ75 للنكبة، وقال: “سنبقى نقاتل من أجل حقنا في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ومصرون على حقنا بالعودة والبقاء أوفياء لدماء الشهداء التي لن تذهب سدى، وستعمل القيادة ليل نهار على إنهاء العتمة التي تلف كل الأسرى في سجون الاحتلال“.
وأكد رئيس الوزراء أن العمل سيبقى متواصلا لملاحقة المجرم الذي امتدت يده لشيرين أبو عاقلة، منوها إلى أن القيادة لا تؤمن بلجان تحقيق الاحتلال ولا بالتقارير الصادرة عنها.
وشدد على وجوب إبقاء الاحتلال مدانا حتى لو أنصفت الشهيدة شيرين أبو عاقلة، فهو مدان بجرائمه الأخرى بحق الإنسان والأرض وكل ما له علاقة بالفلسطيني.
بدوره، قال قسيس: “في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الصحافية شيرين أبو عاقلة، لن نقف لنؤبن وننسى، ولكن من باب الحرص على أن يبقى الوفاء محكوما بالاستدامة، تقدمت بلدية رام الله بفكرة إنشاء متحف شيرين أبو عاقلة للإعلام، حيث تم عرضها على شبكة الجزيرة الإعلامية التي سرعان ما رحبت بالفكرة وأصبحت شريكا مع البلدية في إنشاء المشروع”.
وأضاف: “قبل أسبوع، التقينا بالشيخ حمد بن ثامر آل ثاني رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة، ووقعنا اتفاقية الشراكة، التي تتمثل بتخصيص بلدية رام الله قطعة أرض مميزة نقف عليها الآن في حين تقوم الجزيرة ببناء وانشاء وتجهيز المتحف، حيث تكون مسؤولية بلدية رام الله إدارته وتشغيله بعد جهوزيته”.
وأوضح قسيس أن المشروع سيشكل مركزا تفاعليا دائما باسم الشهيدة شيرين أبو عاقلة، وفضاء تعريفيا وملهما لتخليد ذكراها وبقية شهداء الصحافة الفلسطينية، والتعريف بتاريخ الإعلام الفلسطيني، وتوفير مساحات للإعلاميين والاجيال الشابة للتعبير عن واقع القضية الفلسطينية، والمساهمة في نمو وعي الجمهور للإعلام.
وأوضح أن بلدية رام الله تعتزم افتتاح المتحف في الحادي عشر من أيار/ مايو 2025، في الذكرى السنوية الثالثة لاستشهاد أبو عاقلة.
وتابع: “على مدار عام ظلت المسابقات والمناسبات والمنابر الحقوقية نابضة بالإبقاء على طيف شيرين، فارضة حضوره على كل صعيد. ونطالب من جديد بإبقاء المتابعة القانونية لاغتيال الشهيدة متفاعلا في الهيئات الأممية والحقوقية، ولأنها ابنة الإعلام الهادف والمسؤول لم يكن من الغريب أن يتبنى الإعلام قضيتها“.
وأكد أن رام الله استحقت شرف تخليد ذكراها وزملائها في متحف تفاعلي يروي التاريخ ويحاكي المستقبل.
بدوره، قال الإعلامي وليد العمري، مدير مكتب شبكة الجزيرة الإعلامية في فلسطين، إن اليوم يصادف الذكرى السنوية الأولى للجريمة النكراء التي اقترفها الاحتلال الإسرائيلي الغاشم بحق الشهيدة شيرين أبو عاقلة وبحق زميلاتها وزملائها وبحق الصحافة المهنية وبحق الحقيقة.
وأضاف أنه “على هذه الأرض سيتم تخليد ذكراها العطرة وسيرتها المشرفة في صرح شامخ يحمل اسم متحف شيرين أبو عاقلة للإعلام، الذي سيخلد سيرة شيرين وكل الصحفيين الشهداء الذين ضحوا بحياتهم على درب الحرية”.
وتابع: “ستظل شيرين مصدر إلهام للصحافة الحرة ولحرية الإنسان، وهي التي قالت: اخترت الصحافة لأكون قريبة من الإنسان. ليس سهلا أن أغير الواقع لكنني على الأقل كنت قادرة على إيصال هذا الصوت للعالم”.
وشدد العمري على أن صوت الشهيدة أبو عاقلة لم يكن صيحة في واد، ولا نفخة في رماد، بل كان الإعجاز والصدق والحقيقة في أبهى صورها.
وقرأ الإعلامي العمري، في ختام كلمته، بيان إدارة شبكة الجزيرة الإعلامية في الذكرى السنوية الأولى لجريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة، والذي جددت فيه عهدها لعائلة شيرين وزملائها بأنها لن تدخر جهدا قانونيا وإعلاميا لتحقيق العدالة للشهيدة، ومحاسبة قتلتها ومتابعة القضية التي رفعتها للمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي.
من ناحيته، قال انطون أبو عاقلة، شقيق الشهيدة شيرين، إن العام المنصرم كان قاسيا ومؤلما على العائلة، وخلاله اجتهدت العائلة ولم تدخر جهدا لتحقيق العدالة ومساءلة المسؤولين عن عملية اغتيال شيرين من قبل قناص إسرائيلي، أثناء تغطيتها لاجتياح لقوات الاحتلال لجنين.
وأضاف أن جيلا بأكمله كبر وهو يستمع لشيرين تغطي معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، وعملت في كل المدن والقرى وهي تغطي جرائم الاحتلال الغاشم الذي ما زال جاثما ولم يجر التخلص منه بسبب الصمت الدولي الذي يعطي الحصانة للقتلة وللجيش الإسرائيلي بفعل ما يشاء على حساب مأساة شعب بأكمله.
وتابع: “لكن، رغم الألم الكبير الذي ألم بالعائلة وبالشعب الفلسطيني باغتيال شيرين وغيرها من الشهداء، نأمل أن يكون هناك تحول في هذه الحصانة التي يمنحها المجتمع الدولي، وبالأخص الولايات المتحدة، لجيش الاحتلال”.
وأكد أبو عاقلة أن متحف الإعلام الذي يحمل اسم شقيقته الشهيدة، سيكون بمثابة مؤسسة ثقافية وتعليمية، معربا عن شكره لبلدية رام الله ولشبكة الجزيرة الإعلامية على عطائهما في تخليد شيرين وتدشين هذا الصرح، الذي سيكون استمرارية للأجيال لتوصيل صوت الحق وصورة المعاناة على مدار الأعوام المقبلة.
من جهته، بين نقيب الصحافيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر أن جريمة اغتيال أبو عاقلة هزت كل فلسطين، لا سيما الزملاء الصحافيين خاصة من عملوا معها في إذاعة صوت فلسطين وفي قناة الجزيرة.
وأضاف أن من أوفى بالعهد لفلسطين ستخلده فلسطين إلى الأبد، كما يتم اليوم في تخليد ذكرى الشهيدة أبو عاقلة من قبل بلدية رام الله وشبكة الجزيرة.
وأكد أن نقابة الصحافيين لن تدخر جهدا ليكون متحف شيرين أبو عاقلة للإعلام صرحا مميزا.
وأشار أبو بكر إلى أن الشهيدة شيرين أبو عاقلة، قتلت عدة مرات، الأولى عندما أطلق قناص مجرم الرصاص عليها فأرداها شهيدة، والمرة الثانية عبر الاعتداء على جنازتها في القدس عندما اعتدى الاحتلال على جثمانها الطاهر.
وحذر من أن يتم اغتيال جسد أبو عاقلة وروحها مرة ثالثة، وهذه المرة ليس فقط من الاحتلال وإنما من يخنعون له.
وقال: “سعيد بوجود عدد من ممثلي السلك الدبلوماسي الأجانب هنا ليسمعوا أننا نخشى أن يكون هذا الصمت من المجتمع الدولي تسترا وجريمة قتل ثالثة”.
وشدد أبو بكر على أن نقابة الصحافيين ومعها الاتحاد الدولي للصحافيين، مصممة على مواصلة العمل الممنهج، من أجل محاكمة القتلة وفق القانون الدولي وتحقيق العدالة.
وأوضح “في 20 أيلول/ سبتمبر الماضي تم تقديم شكوى رسمية للمحكمة الجنائية الدولية، وحتى هذه اللحظة وصلت رسالة واحدة من المحكمة بتاريخ التاسع من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تشير إلى أنهم ما زالوا في مرحلة تدقيق ومراجعة الشكوى، وهذا يعتبر مماطلة من النائب العام كريم خان، الذي تحرك فورا تجاه الأزمة الروسية الأوكرانية”.
وتابع: “هذه الجريمة ارتكبت منذ عام وقدمنا فيها شكوى رسمية، ووسائل إعلام ومؤسسات دولية حققت في الجريمة، وقالت إن القتلة معروفون وهم عناصر في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ونخشى أن يكون هدف المماطلة سياسيا وتحت ضغوط سياسية”.
وأعلن أبو بكر عن أن نقابة الصحافيين ستطلق مطلع حزيران/ يونيو المقبل، حملة دولية مع النقابات الصحافية والمهنية في العالم والبرلمانات والمؤسسات الدولية، للضغط على الجنائية الدولية للبدء في التحقيق الفعلي في جريمة استشهاد أبو عاقلة.