قلنديا الدولي هو (بينالي ) يركز على الفنون البصرية، يتم تنظيمه كل عامين في المدن والقرى والبلدات على امتداد فلسطين التاريخية، للترويج للثقافة المعاصرة في فلسطين محلياً ودولياً.
تشارك بلدية رام الله كل عامين في قلنديا الدولي كمنظم تنتج أيضا برنامجا يتوائم مع ثيمة قلنديا الدولي.
لماذا قلنديا؟
أصبحت كلمة "قلنديا" منذ بداية العقد الماضي عبر اقترانها بمفردة حاجز، مركباً أساسياً ودائم الحضور فيما ينتج من مواد إعلامية من فلسطين وعنها، وما ينتج من مواد بصرية وأدبية أيضاً، ومن قصص وحكايات يتداولها الناس بشكل يومي كذلك. فحاجز قلنديا، هو الحاجز العسكري الإسرائيلي الأكبر والأشهر الذي يخنق الضفة الغربية من خاصرتها حتى يكاد يقطعها، ويعزل مدينة القدس عن رام الله ومدن شمال الضفة الغربية، وهو بالتالي سلسلة من الدلالات السلبية والمعاناة اليومية، ويمثل عنواناً بارزاً وسافراً للهيمنة.
لكن هناك مستوى دلالياً آخر مرتبطاً بكلمة قلنديا تم طمسه بشكل متعمد ومبرمج. فبقليل من التأمل والبحث، نجد أن حاجز قلنديا يجثم على ذاكرة مهمة للمكان، محاولاً خنقها وطمسها، وهي مطار القدس الدولي، أو مطار قلنديا كما كان يتم تداوله أحياناً، الذي كان يستقبل عشرات الرحلات الجوية يومياً، رابطاً فلسطين ببلدان المنطقة والعالم، ونجد أن مخيم قلنديا الذي اقترض اسمه من بلدة قلنديا، ومنحه بدوره للحاجز، هو الوجه الآخر والحاضر لتلك البلدة الغائبة التي شطرها الجدار نصفين.
فقلنديا اسم تجتمع فيه مفارقات تاريخية كبرى، ففي الوقت الذي كانت تلك البقعة همزة وصل بين فلسطين والعالم قبل العام 1967، أصبحت في العام 2000 رمزاً لتقطيع أوصال الحياة بين المدن الفلسطينية نفسها، وشاهداً يومياً على المعاناة الإنسانية، وعلى الهيمنة وتقييد حرية الحركة، وورشة مفتوحة لمؤسسات دولة الاحتلال (حيث هناك حديث جدي عن مشروع إقامة مستوطنة كبرى في المكان سوف تلتهم جزءاً كبيراً من مدرج المطار).
إن استخدام قلنديا الدولي عنواناً لحدث فني كبير هو محاولة لتوظيف ما يحمله هذا الاسم من طبقات دلالية متعددة ومتناقضة، وما قد ينتجه من تداعيات مختلفة في الذهن والذاكرة، من أجل إيصال الرسالة السياسية لهذا الحدث الذي يسعى إلى تكريس اسم فلسطين على خارطة العمل الثقافي في المشهد العالمي، وجعل فلسطين من جديد نقطة جذب، مع الإبقاء على التجربة الفلسطينية المتمثلة في رمزية قصة قلنديا المطار/الحاجز في صميم هذا الحدث. قلنديا الدولي هو خطوة أخرى نحو استعادة مكانة فلسطين في الذاكرة والتاريخ، وفرض حضورها المبدع والإنساني.